أمراض الأسنان: الأسباب، الأنواع، المضاعفات، وطرق الوقاية

تلعب صحة الفم والأسنان دورًا جوهريًا في الصحة العامة وجودة الحياة. تُعد أمراض الأسنان من أكثر المشاكل الصحية شيوعًا حول العالم، وتؤثر على الأفراد من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية. رغم التقدم الملحوظ في طب الأسنان ووسائل العناية بالفم، إلا أن الأمراض المرتبطة بالأسنان واللثة ما تزال تمثل عبئًا صحيًا عالميًا يُهدد الراحة اليومية للإنسان وقدرته على التغذية والنطق والثقة بالنفس.

يمتد مفهوم أمراض الأسنان ليشمل مجموعة من الاضطرابات التي تؤثر على بنيان السن، اللثة، الأنسجة الداعمة، والعظم المحيط، وتكون نتيجة لعوامل متعددة ومتداخلة. تتفاوت هذه الأمراض من حيث الشدة والأعراض، وقد تكون بسيطة قابلة للعلاج في بداياتها، أو مزمنة تؤدي إلى فقدان الأسنان ومشاكل صحية خطيرة في حال إهمالها.

أولاً: التسوس (Caries)

يُعد تسوس الأسنان أحد أكثر أمراض الفم انتشارًا في العالم، وهو ناتج عن تحلل بطيء للأنسجة الصلبة للأسنان بسبب تفاعل الأحماض الناتجة عن بكتيريا البلاك مع السكريات والنشويات في الطعام.

الأسباب:

• عدم تنظيف الأسنان بانتظام.

• تناول كميات كبيرة من السكريات والأطعمة الحمضية.

• قلة إفراز اللعاب الذي يساهم في غسل الفم.

• استعمال غير منتظم لمعجون الأسنان المحتوي على الفلورايد.

المراحل:

1. بقع بيضاء ناتجة عن إزالة المعادن من سطح المينا.

2. نخر في المينا ثم في العاج وصولًا إلى اللب السني.

3. عدوى في لب السن قد تؤدي إلى خراج.

المضاعفات:

• ألم مستمر في الأسنان.

• حساسية للمشروبات الساخنة والباردة.

• التهابات لثوية مزمنة.

• فقدان السن.

ثانيًا: أمراض اللثة (Gingivitis & Periodontitis)

أمراض اللثة تشمل التهاب اللثة السطحي، وقد تتطور لتصبح التهابًا في الأنسجة الداعمة للسن (النسج المحيطة)، وهو ما يُعرف بالتهاب دواعم السن.

التهاب اللثة:

يعد المرحلة الأولى من أمراض اللثة، وغالبًا ما يكون غير مؤلم، لكنه يترافق مع نزيف عند تنظيف الأسنان ورائحة فم كريهة وتورم اللثة.

التهاب دواعم السن:

يحدث عندما تمتد العدوى إلى الأنسجة العميقة والداعمة، مما يؤدي إلى ارتخاء الأسنان وفقدانها مع الوقت.

العوامل المساهمة:

• تراكم الجير والبلاك.

• التدخين.

• مرض السكري.

• العوامل الوراثية.

• ضعف الجهاز المناعي.

المضاعفات:

• انحسار اللثة.

• تخلخل الأسنان.

• امتصاص العظم الفكي.

• ارتباطها بأمراض القلب والسكري.

ثالثًا: خراج الأسنان (Dental Abscess)

الخراج السني هو تجمع قيحي ناتج عن عدوى بكتيرية شديدة تُصيب لب السن أو النسج المحيطة به. ينتج غالبًا عن إهمال التسوس أو علاج اللثة بشكل غير كافٍ.

الأعراض:

• ألم نابض حاد.

• تورم في الوجه أو اللثة.

• حمى وتضخم في العقد اللمفاوية.

• صعوبة في المضغ وفتح الفم.

العلاج:

• تفريغ الخراج جراحيًا.

• المضادات الحيوية.

• علاج قناة الجذر أو خلع السن.

رابعًا: تآكل الأسنان (Tooth Erosion)

يحدث تآكل الأسنان نتيجة تعرض المينا لعوامل كيميائية مثل الأحماض، مما يؤدي إلى فقدان دائم للمادة السنية دون تدخل بكتيري مباشر.

الأسباب:

• تناول المشروبات الحمضية بكثرة (مثل المشروبات الغازية والليمون).

• الارتجاع المعدي المريئي.

• القيء المتكرر كما في حالات اضطرابات الأكل.

• استخدام مفرط لمنتجات تبييض الأسنان.

الأعراض:

• حساسية الأسنان.

• تغير اللون الخارجي للسن.

• تشققات على سطح السن.

خامسًا: صرير الأسنان (Bruxism)

صرير الأسنان هو احتكاك لا إرادي بين الأسنان يحدث غالبًا أثناء النوم أو في حالات التوتر، وقد يؤدي إلى تلف ميكانيكي للأسنان ومفصل الفك.

المضاعفات:

• تآكل سطوح الأسنان.

• آلام في عضلات الوجه والفك.

• صداع مزمن.

• مشاكل في المفصل الفكي الصدغي.

العلاج:

• الجبائر الواقية للأسنان.

• تقنيات الاسترخاء والعلاج السلوكي.

• العلاج النفسي في حالات القلق المزمن.

سادسًا: الأسنان المطمورة (Impacted Teeth)

وهي الأسنان التي لا تبرز بالكامل من اللثة، وغالبًا ما يحدث ذلك مع الأضراس الثالثة (ضروس العقل). قد تسبب التهابات مؤلمة، ضغطًا على الأسنان المجاورة، وتحتاج إلى تدخل جراحي في كثير من الحالات.

سابعًا: التهابات الأعصاب السنية (Pulpitis)

هي التهابات تُصيب لب السن الداخلي، وتحدث غالبًا نتيجة تسوس عميق أو كسر في السن. تنقسم إلى نوعين:

• التهاب عكوس: يمكن علاجه بالحشوة ومعالجة التسوس.

• التهاب غير عكوس: يتطلب علاج العصب أو الخلع في حال تضرر اللب بالكامل.

ثامنًا: فقدان الأسنان (Tooth Loss)

يُعد فقدان الأسنان نتيجة نهائية لإهمال أمراض اللثة أو التسوس المتقدم. وقد يؤدي إلى:

• مشاكل في المضغ والهضم.

• تغير في شكل الوجه.

• تأثيرات نفسية مثل ضعف الثقة بالنفس.

العوامل المساهمة:

• عدم العناية اليومية بالأسنان.

• أمراض اللثة المزمنة.

• الإصابة بمرض السكري.

• التدخين.

• التقدم في العمر.

الوقاية من أمراض الأسنان

العناية اليومية بالفم هي حجر الأساس للوقاية من أمراض الأسنان، وتشمل:

1. تنظيف الأسنان مرتين يوميًا على الأقل باستخدام معجون غني بالفلورايد.

2. استخدام الخيط الطبي يوميًا لتنظيف المساحات بين الأسنان.

3. زيارة طبيب الأسنان كل 6 أشهر للفحص والتنظيف الوقائي.

4. تجنب الأطعمة السكرية والحمضية، أو تنظيف الأسنان مباشرة بعدها.

5. الإقلاع عن التدخين الذي يزيد من خطر أمراض اللثة وتغير لون الأسنان.

6. الحفاظ على نظام غذائي متوازن غني بالكالسيوم والفيتامينات (خصوصًا D و C).

جدول توضيحي لأكثر أمراض الأسنان شيوعًا

العلاقة بين أمراض الأسنان والصحة العامة

تشير دراسات طبية متعددة إلى وجود علاقة وثيقة بين صحة الفم والأسنان وصحة الجسم عمومًا. على سبيل المثال:

• أمراض القلب: ترتبط أمراض اللثة المزمنة بزيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين.

• مرض السكري: المصابون بالسكري أكثر عرضة لأمراض اللثة، كما أن التهابات اللثة تؤثر على قدرة الجسم في التحكم في مستوى السكر في الدم.

• مشاكل الحمل: ترتبط التهابات اللثة بخطر الولادة المبكرة أو انخفاض وزن المولود.

• العدوى البكتيرية المنتشرة: يمكن للبكتيريا الفموية أن تنتقل عبر مجرى الدم وتسبب التهابات في أماكن أخرى من الجسم مثل القلب أو الرئتين.

الخاتمة

تمثل أمراض الأسنان تحديًا صحيًا حقيقيًا لا يجب الاستهانة به. إهمال الفم والأسنان لا يؤدي فقط إلى الألم وعدم الراحة، بل قد يفضي إلى مشكلات صحية جسيمة تطال أجهزة الجسم المختلفة. إن التثقيف حول هذه الأمراض وأسبابها وسبل الوقاية منها هو حجر الزاوية في الحد من انتشارها، كما أن الالتزام بالعناية اليومية والزيارات المنتظمة لطبيب الأسنان يشكلان خط الدفاع الأول في المحافظة على صحة الفم والأسنان مدى الحياة.

المراجع:

• Petersen, P. E., & Ogawa, H. (2012). “The global burden of periodontal disease: towards integration with chronic disease prevention and control.” Periodontology 2000.

• American Dental Association (ADA). www.ada.org